ذهبت فى الصباح الباكر لبيت الله، باحثة عن عزاء
ذهبت متلهفة كى أسمع كلمات تريح قلبى مما ملأه من هم
هم يزداد كلما سمعت عن نفس تقتل ودم يسيل على أرض بلدى
ففى الغربة يصل إلينا الهم مضاعفاً، ويزداد احساس الغربة والعجز معه
ذهبت وجلست مترقبة كى أسمع كلمات العزاء التى أنشدها
كانت معى طفلتى الصغيرة
كانت تركض حولى فهى لا تستطيع الجلوس لفترة طويلة
ذهاباً وإيابا تلهو فرحة فى بيت الله
ثم نظرت لى نظرة أعرفها كأنها تقول: لو جدعة حصلينى
ثم التفتت فجأة وجرت بعيداً
جريت وراءها
كانت سريعة فأختفت عن نظرى
ولمدة دقيقتين لم أجدها
خفق قلبى بشدة من الخوف أن تكون خرجت من الباب
ناشدت من حولى البحث عنها معى
أخذت أجرى هنا وهناك أبحث عنها
وأخيراً بعد مرور دقيقتين ثقيلتين شاهدتها تركض من بعيد
جريت لملاقاتها
واحتضنتها فى لهفة واطمأنيت
ثم بكيت
بكيت حين تذكرت أمهات كثر ذهب أولادهن ولم يرجعوا
ذهبوا لحضور مباراة، وعادوا فى نعوش
بكيت من تخيل ألمهن
فأنا فقدت طفلتى دقيقتين وكدت أجن
أما هن ففقدن أولادهن للأبد
وتذكرت لما جئت، فقد جئت أبحث عن عزاء
فإذ بالصلاة انتهت بدون أن أجده
ووقف رجل الدين يلقى ببعض التنبيهات
فقلت ربما عزانا وطلب الرحمة لمن مات
لكنه لم يقل شيئاً
وهم أن يصرفنا
لكنه تذكر فى اللحظة الأخيرة تنبيه جديد
فقلت الآن سيعطينا كلمة عزاء
لكنه لم يقل شيئاً ايضاً
كأن ما حدث لم يحدث
وكأن الحزن فى قلوبنا ليس حق
وكأن من ماتوا مجرد رقم
وانصرفنا
وانصرفت وقد أدركت أنه... لا عزاء